تكلفة فرصة متروكة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اختيار شيء، و ترك غيره رغم أنه مقدور عليه، يعني أن هناك فرصة متروكة. وتكلفة الترك أي فقد منفعة الشيء المتروك. وطبعا الموارد المتاحة لكل إنسان لها حدود. ولو كانت الموارد لا حدود لها، لأمكن تحقيق كل الطلبات والرغبات، ولما وجدت أصلا مشكلة اختيار، ولكن هذا موجود في الجنة فقط جعلنا الله من أهلها.

حيث إن ما ترك مما هو مقدور عليه ليس متساويا في الأهمية، فإن تكلفة الفرصة هي أعلى قيمة متوقعة أو تقديرية لأقرب خيار بديل في نظر صاحب الشأن الذي بيده القرار. ولذا فإن تكلفة الفرصة ليست موضوعية قابلة للقياس بالضبط من الآخرين، ولكن هذا لا يمنع من إمكان وجود تقارب في تقديرها.

هنا مثالان على تكلفة الفرصة الضائعة.

المثال الأول: توفر لدى أحد الناس مبلغ من المال واشترى به سيارة: شراء السيارة يعني التضحية بالاختيارات الأخرى. نفترض أن أقرب اختيار بديل لإنفاق المبلغ هو عمل إصلاحات أو تحديثات في المنزل الذي يسكنه. تعد المنفعة التي يتوقع الحصول عليها ذلك الإنسان من تحديث منزله وحسب تقديره هي تكلفة فرصة شراء السيارة (أي المنفعة التي حصلت عليها من شراء السيارة).

المثال الآخر: إنسان يمتلك عقارا، وعنده عدة خيارات للاستفادة من هذا العقار، منها أن يؤجره أو يسكنه أو يتخذه مكانا لممارسة نشاط ما أو يبيعه. لنفترض أنه استعمله، ولنفترض أن أقرب بديل هو تأجيره. يعد مبلغ الإيجار الذي فات المالك الحصول عليه هو تكلفة فرصة استعمال العقار، ويسمى هذا النوع من تكلفة الفرصة التكلفة الضمنية.

تكلفة الفرصة المتروكة لا تراعى محاسبيا. لأنه يقصد بالتكلفة محاسبيا ما يتبادر إلى أذهاننا أولا من معنى كلمة تكلفة وهو ما دفع أو ما سيدفع من مال مقابل الحصول على سلعة أو خدمة في السوق. لذا فإن الفائدة المتروكة، بسبب اختيار غيرها لا تعد عادة تكلفة عند المحاسبين. أما عند المختصين الاقتصاديين فتراعى عند النظر إلى التكلفة.

من المفيد التنبيه على أن تكلفة الفرصة قد تكون خاصة، حيث ينظر إلى المنافع المضحى بها من فرد أو أفراد بعينهم، وقد تكون عامة حيث ينظر إلى منافع المجتمع المضحى بالفرصة. ومن ثم فإن من أهم فوائد الفكرة أنها تساعد على تقييم السياسات الاقتصادية في قدر تحقيقها المصلحة العامة. وتبعا، ينبغي في التراخيص لأنشطة أن تراعي التكلفة على المجتمع صغيرا كان أو كبيرا.

من أكبر فوائد الفكرة استخدامها عند تخطيط وتوزيع مخصصات المالية العامة. من وسائل تقييم الأولويات في توزيع المخصصات هو النظر إلى تكلفة الفرصة المتروكة وتبعا الضائعة المترتبة على توزيع المخصصات بطريقة ما. هذه الأمور روعيت كثيرا في الرؤية وكانت سببا في بناء أو إجراء تعديلات وتحسينات في خطط وتوجهات ومشروعات. هذا وبالله التوفيق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق