شهد قطاع المطاعم في الرياض نمواً متسارعاً خلال السنوات الماضية، وبات أحد الركائز الاقتصادية في المدينة وفي جودة الحياة، ولا عجب، فالسعوديون يصرفون شهريا نحو 8 مليارات ريال في هذا القطاع على مستوى السعودية. في الفترة الأخيرة أصبح القطاع حديث المجالس ووسائل التواصل الاجتماعي، بسبب الإغلاقات والافتتاحات المستمرة، كما أننا شاهدنا بعض اللقاءات مع رواد هذا القطاع يتحدثون عن معاناتهم. والسؤال: ماذا يحدث في هذا القطاع ولماذا الإغلاقات وما هو مستقبل القطاع وهل يُنصح بالاستثمار فيه أو لا وماذا يجب علينا تجاهه ؟.
كثير يعزون أسباب هذه الإغلاقات إلى أمور كثيرة ومنها ضعف القوة الشرائية والرسوم وارتفاع الإيجارات، ومن وجهة نظري أن كل هذه الأسباب رغم أنها حقيقية إلا أنها ليست السبب الرئيسي، إنما السبب الرئيسي أن السوق وصلت إلى مرحلة النضج وهذه الأسباب سرّعت الوصول لهذه المرحلة. لكن ما هو نضوج السوق وما هي علاماته ؟
نضوج السوق يكون عندما تتوقف السوق عن النمو وهي في الأغلب عندما يتساوى الطلب مع العرض، وهناك عدة علامات لنضوج السوق منها: المنافسة الشديدة، حساسية العميل للأسعار، وعي كبير للعميل وتطور تفضيلاته، زيادة التكاليف التشغيلية، وأخيرا التسويق المكثف، وكل هذه العلامات نراها اليوم. وصل القطاع إلى مرحلة ازداد العرض وتنوعت الخيارات أمام المستهلكين ما أدى إلى زيادة المنافسة. هذه المنافسة كما لا تخفى على أحد أدت إلى خروج البعض من القطاع وتركت البعض يعاني، ولكن هناك أيضاً مطاعم رابحة وأداءها جيد.
ومع خروج الكثير من السوق نجد في نفس الوقت مطاعم جديدة تدخل السوق، فهل السوق فعلاً مغرية وتستحق المغامرة، وما هي الفوائد أو المخاطر على المستثمر والاقتصاد؟
لعدم وجود معلومات عن السوق سأستخدم معلومات السوق الأمريكي، فالسوق الأمريكي ترتيبها السادس على مستوى العالم في سهولة الأعمال وسوق ناضجة، ونسبة فشل المطاعم فيها 60% من أول سنة و80% في أول 5 سنوات، وهذا لا يعني أن المطاعم كانت رابحة في هذه الخمس سنوات بل قد تكون صامدة. ونظراً لارتفاع تكاليف إنشاء المطاعم، فإننا نتحدث عن خسارة كبيرة للأفراد وللاقتصاد خصوصا إذا ما علمنا بأن معدات هذه المطاعم وتكاليف إنشائها معظمها مستورد ويتم شراءها بسعرها الكامل وبيعها بربع السعر بعد الإغلاق.
إذاً ماذا يجب فعله لتفادي هذه الخسائر أو الحد منها مع تطوير هذا القطاع المهم؟
تشجيع الناس على فتح مطاعم أو تركهم بدون توعية وعدم توفر أرقام وإحصائيات تمكنهم من أخذ قرار مدروس عن القطاع، سيفاقم المشكلات. أيضا تخويفهم من القطاع ليس حلا، فهناك مشاريع إبداعية قادمة سيكتب لها النجاح وستسهم إيجابا في الاقتصاد والتوظيف وفي تطور القطاع. الحل الصحيح قد يكون مبادرة من قبل وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة لتوعية للمستثمرين وإعداد قاعدة بيانات للقطاع تساعد المستثمرين الجدد على اتخاذ قرار الدخول في النشاط من عدمه، وتوضح المخاطر التي تحيط بالقطاع والفرص الموجودة فيه.
القطاع يحتاج إلى وقفة من الجميع للحد من الهدر المالي الناتج من هذه الإغلاقات وتوعية الراغبين في الدخول في هذا القطاع، والذين ليس لديهم وعي كافٍ بمخاطر هذا القطاع ويتوقعون أن معرفتهم بطباخ جيد أو وصفة لأكلة جيدة تعني نجاح لهذا المشروع. والحقيقة أن الموضوع أكبر من ذلك، فنجاح المطعم يعتمد على عوامل كثيرة يجهلها معظم من يرغب الدخول في هذا المجال ومنها: منتج جيد، تشغيل جيد، تسويق جيد، موقع مناسب، مكان جميل في حالة أنه مطعم خدمة، تمويل كافٍ. غياب عامل واحد من هذه العوامل يعني فشل للمشروع وإن كان لديك أفضل طباخ أو أفضل أكلة.
0 تعليق