كيف تبدل وكالة الطاقة الدولية توجهاتها بتغير الرؤساء؟ أنس الحجي يكشف أزمتها مع "ترمب"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خلال مدة الحكم الأولى للرئيس الأميركي الجديد المنتخب دونالد ترمب، بدأت وكالة الطاقة الدولية تتخوف من إمكان قطع الدعم المالي الأميركي عنها، أو وقف الاشتراكات الضخمة التي تأتيها من الولايات المتحدة.

ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي، أن الولايات المتحدة تعد أكبر المشتركين الداعمين ماليًا للوكالة؛ لذلك فإن الخوف من ترمب كان مصدره أنه أوقف أو خرج من عدد من الاتفاقيات الدولية.

وقال إن السبب في هذا أن وكالة الطاقة الدولية فهمت ما يريده ترمب، حتى على المستوى النفسي، فأشبعت رغباته بالحديث عن النمو الهائل في إنتاج النفط الصخري والغاز الأميركي، وكيف أن البلاد في عهده أصبحت مستقلة طاقيًا ومسيطرة عالميًا.

ولفت إلى أن مسؤولي الوكالة لعبوا على هذا الوتر الذي أسعد ترمب، ولكن في اللحظة التي خسر فيها الأخير الانتخابات وفاز منافسه جو بايدن، غيّرت الوكالة اتجاهها بالكامل، ظنًا بأن الديمقراطيين سيحكمون لمدة طويلة.

جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "النفط والغاز بين الواقع ورغبات ترمب ووكالة الطاقة الدولية وأوروبا".

وقف الاستثمار في النفط والغاز

قال الدكتور أنس الحجي إن وكالة الطاقة الدولية، بعد فوز بايدن، بدأت تتحدث عن ضرورة وقف الاستثمار في النفط والغاز، وأثارت كثيرًا من الحديث والانتقادات الموجهة إلى النفط الصخري وتبني سياسات تغير المناخ.

وأضاف: "هم أنفسهم من كانوا ينادون في مدة ولاية ترمب الأولى بضرورة زيادة الاستثمار في النفط والغاز الأميركيين، والآن يقولون إن هناك ضرورة لوقف الاستثمار فيهما، وتطرّفوا كثيرًا حتى أوقفوا توقعاتهم المستقبلية واستبدلوها واعتمدوا سيناريوهات بناء على المتطلب لتحقيق أهداف تغير المناخ".

وكالة الطاقة الدولية

ومن ثم، وفق الدكتور أنس الحجي، فإن كل ما نشرته وكالة الطاقة الدولية خلال السنوات الـ3 الأخيرة، ليست توقعات، ولكنها سيناريوهات لتحقيق أهداف تغير المناخ والتحول الطاقي.

وتابع: "في مارس/آذار الماضي، أرسل أعضاء من الكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركي رسالة طويلة إلى الوكالة، كان من الواضح من خلالها أنهم يستهدفونها وأنهم يجهزون لانقلاب على قيادتها بسبب تطرفها".

ولفت إلى أن هؤلاء الأعضاء طالبوا الوكالة في رسالتهم بأن تذكر كل مصادر التمويل التي تحصل عليها، وكان من الواضح أنهم سيستعملون هذه العصا لإجبار وكالة الطاقة الدولية على إجراء تغيير في قيادتها ومنهجها.

الآن، وفق الحجي، صدر تقرير جديد من أحد أعضاء الكونغرس، وهو أحد مستشاري ترمب، والهدف من التقرير أن يجبر الرئيس الأميركي الجديد الوكالة -ربما خلال الشهر الأول من حكمه- على التغيير أو الانسحاب منها.

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن الفكرة هنا أن الرئيس الفرنسي ماكرون له مقولة إن "وكالة الطاقة الدولية أداة لتطبيق اتفاق باريس للمناخ"، وهذا وحده يكفي لجماعة ترمب بأن يرفضوا الوكالة بالكامل؛ لأنها تأسست للحفاظ على أمن الطاقة في الدول الأعضاء، وليس لتطبيق اتفاق باريس للمناخ.

ولكن، وفق الحجي، ماكرون قال الحقيقة، التي تعبر بالفعل عن الوجه الجديد للوكالة التي بدأت تصدر تقاريرها الغريبة، لافتًا إلى أن أول شخص فضح الوكالة وقال إن كل ما تكتبه وتقوم به متطرف ولا قيمة له، هو وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

وكالة الطاقة الدولية والـ"لا لا لاند"

قال الدكتور أنس الحجي إن وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان استعمل مصطلح "اللا لا لاند" لوصف ما تقوم به وكالة الطاقة الدولية ردًا على سؤال من صحفية في "الفايننشال تايمز"، وهو هنا اختصر كثيرًا من الكلام.

وأضاف: "قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن الوكالة متطرفة، في يونيو/حزيران 2021 قبل الأميركيين، وقبل ما يقوم به الكونغرس ومجلس الشيوخ، إذ كان الأمر واضحًا تمامًا بالنسبة له منذ البداية".

وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان

وأوضح الدكتور أنس الحجي أن المقصود من العبارة التي قالها وزير الطاقة السعودي هو أن الوكالة تعيش في عالم من الخيال، بعبارة أخرى فهو اختصر كل ما يمكن كتابته في كتاب أو في صفحات كثيرة، في جملة واحدة.

وعن التصرف المرتقب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه الوكالة، قال الحجي إن ترمب وإدارته يقولون إن الوكالة متحيزة وهم لا يريدونها كذلك، وإن على مسؤوليها أن يتذكروا سبب إنشائها وأن تعود إلى أهدافها وتركز على أمن الطاقة.

ولفت إلى أن وكالة الطاقة الدولية تأسست في عام 1974 مباشرة بعد المقاطعة النفطية في شهر رمضان، الموافق أكتوبر/تشرين الأول 1973 بناء على هذه الأهداف، ولكنها تتوقف الآن عن إصدار التوقعات وتركز على سيناريوهات لتحقيق الحياد الكربوني.

وتابع: "إدارة الرئيس دونالد ترمب تطالب وكالة الطاقة الدولية الآن بالعودة إلى إصدار التوقعات بشكل غير متحيز، مع التركيز على التوقعات حسب السياسات الحالية، لأن الوكالة أصبحت تتحدث عما يجب أن يكون، أي أمور غير موجودة في الواقع أصلًا، وتتجاهل ما هو موجود".

المطلوب من وكالة الطاقة الدولية

أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، أن المطلوب من وكالة الطاقة الدولية، هو العودة إلى إصدار توقعات بناء على السياسات الحالية؛ لأنه بناء على هذه السياسات سيتغير كل ما هو موجود في السوق.

وأضاف: "في حالة تغير التوقعات، سيفهم الناس كثيرًا من الأمور في السوق، ومن ثم ستتغير، لأن كثيرًا من الناس فهموا سيناريوهات وكالة الطاقة على أنها توقعات، ولكنها في حقيقة الأمر ليست توقعات على الإطلاق".

دونالد ترمب
دونالد ترمب - الصورة من بلومبرغ

وقال الدكتور أنس الحجي إن هذا سيجبر البنوك وبيوت الخبرة وبيوت المال على تغيير توقعاتهم بالكامل، لأنه حسب السياسات الحالية لن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته كما تقول الوكالة، وهذا أمر مهم لكل الدول النفطية، فالطلب على النفط سيكون أعلى.

ولفت إلى أن أهم مطالب ترمب أن تتوقف الوكالة بالكامل عن المطالبة بوقف الاستثمار في النفط الغاز، وبالنسبة لهم هذا أمر أساسي، وبعبارة أخرى فإن مجرد المطالبة بذلك سيلغي أي دعم لها؛ إذ إن وكالة الطاقة الدولية دون أميركا هي لا شيء؛ فعليها أن تتوقف عن ذلك وعدم تبني هذه الفكرة.

وأكد أنه في حالة حدوث تغيير في وكالة الطاقة الدولية، سيُطرَد مديرها الحالي ومن حوله؛ لأن مشكلة الوكالة هي القيادة، فإما أن يُطردوا وإما أن يستقيلوا، وهذا سيضع الأمم المتحدة ومكتب الأمين العام في مأزق كبير؛ لأنه هو الوحيد الذي يطالب بما تطالب به الوكالة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق