شهدت صناعة الهواتف الذكية في عام 2024 تنافساً شرساً بين عمالقة التكنولوجيا سامسونغ، وأبل، وهواوي.

هذا الصراع لم يقتصر على الابتكار التقني فحسب، بل امتد ليشمل حصص السوق والمبيعات العالمية، ما يعكس ديناميكية وتغيرات مستمرة في تفضيلات المستهلكين.

سامسونغ تستعيد الصدارة

في الربع الأول من عام 2024، حققت سامسونغ إنجازًا كبيرًا باستعادة المركز الأول في سوق الهواتف الذكية عالميًا.

وفقًا لتقارير من شركات الأبحاث السوقية، شحنت الشركة حوالي 60.1 مليون جهاز خلال هذا الربع، ما منحها حصة سوقية بلغت 20.8%، بعد فترة من المنافسة الشرسة مع شركات مثل أبل وهواوي، التي شهدت أداءً متفاوتًا خلال نفس الفترة.

أحد العوامل الرئيسية وراء هذا النجاح هو التنوع الكبير في منتجات سامسونغ، حيث استطاعت تحديث سلسلة هواتفها المتوسطة مثل الفئة “A” التي تتميز بمواصفات متقدمة مقابل أسعار تنافسية، ما ساعدها في كسب شرائح واسعة من المستهلكين في الأسواق الناشئة.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الشركة مبكرًا هذا العام أجهزتها الرائدة مثل سلسلة Galaxy S24، التي لاقت قبولًا كبيرًا بفضل تقنيات مبتكرة مثل الكاميرات المتطورة والشاشات ذات معدلات التحديث العالية.

كما وسعت سامسونغ استثماراتها في تكنولوجيا الجيل الخامس (5G)، ما زاد من جاذبية منتجاتها في الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا.

وتشير التوقعات إلى استمرار هيمنتها في السوق العالمية خلال العام المقبل، خاصة مع خططها لتوسيع إنتاج الهواتف القابلة للطي التي تحظى بشعبية متزايدة.

أبل تشهد أداء متباينا

أبل، رغم جاذبية علامتها التجارية واستمرار شعبيتها، واجهت تحديات واضحة في الربع الأول من عام 2024، حيث انخفضت شحناتها من الهواتف الذكية بنسبة 10% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، لتصل إلى 50.1 مليون وحدة، ما يعكس زيادة المنافسة في الأسواق الرئيسية، مثل الصين وأوروبا، حيث دخلت شركات مثل هواوي وشاومي بقوة.

ومع ذلك، تمكنت أبل من استعادة زخمها في الربع الثالث بفضل إطلاق هاتف iPhone 15، حيث تصدر قائمة الأجهزة الأكثر مبيعًا عالميًا خلال الربع الثالث من العام، ما يُظهر استمرار جاذبية منتجات الشركة للمستهلكين، خاصة مع الميزات الجديدة التي قدمتها مثل التحسينات في الكاميرا واستخدام منفذ USB-C لأول مرة.

أبل أيضًا استفادت من استراتيجيات تسعير مرنة في بعض الأسواق، حيث خفضت بتخفيض أسعار هواتفها السابقة مثل iPhone 13 وiPhone 14 لتعزيز مبيعاتها في الفئات المتوسطة.

وعلى الرغم من ذلك، شهدت الشركة انخفاضًا في حصتها السوقية بالصين خلال الربع الأول، حيث تراجعت من 20% في عام 2023 إلى 15.7%، بسبب الانتعاش القوي لهواوي.

لتعويض هذا التراجع، ركزت أبل على توسيع خدماتها الإضافية مثل Apple Pay وApple Music، ما ساهم في زيادة أرباحها الإجمالية، ومن المتوقع أن تعزز الشركة مكانتها خلال موسم العطلات، الذي يشهد عادةً زيادة كبيرة في الطلب على منتجاتها.

محاولات هواوي للتعافي

تواصل شركة هواوي الصينية مواجهة تحديات كبيرة نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، التي أثرت على قدرتها في الوصول إلى التقنيات الضرورية لإنتاج هواتف ذكية تنافسية.

ومع ذلك، تسعى الشركة لتعزيز وجودها في الأسواق المحلية وبعض الأسواق الناشئة، مع التركيز على تطوير نظام تشغيلها الخاص HarmonyOS لتقليل الاعتماد على التقنيات الغربية.

حاليًا، يعتمد أكثر من 900 مليون هاتف ذكي حول العالم على نظام تشغيل HarmonyOS، ما يبرز نجاح الشركة في تطوير منظومة تقنية مستقلة.

وفيما يتعلق بالهواتف الذكية، شهدت هواوي زيادة مذهلة في مبيعاتها بنسبة 72% خلال أول خمسة أشهر من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من 2023، ما يعكس طموح الشركة لاستعادة مكانتها في السوق.

وأثار إطلاق هاتفها الرائد Mate 60 Pro جدلاً واسعًا، حيث يتميز بمعالج متطور دفع الحكومة الأمريكية للبحث في كيفية تمكن الشركة من تطوير مثل هذه التقنيات، رغم الجهود المبذولة لمنع الصين من الوصول إلى تكنولوجيا الرقائق الأجنبية.

وعلى صعيد الأداء المالي، سجلت هواوي قفزة قوية في صافي أرباحها بنسبة 564%، حيث بلغت 2.71 مليار دولار في الربع الأول من 2024، بعد تحقيق أسرع نمو في الإيرادات منذ أربع سنوات خلال عام 2023، بفضل انتعاش قطاع المستهلكين وزيادة الإيرادات من الأنشطة الجديدة مثل مكونات السيارات الذكية.

وفي السوق الصينية، استطاعت هواوي زيادة حصتها إلى 15.5% في الربع الأول من العام، مقارنة بـ9.3% في 2023، وفقًا لتقارير Counterpoint Research، ما أثر بشكل مباشر على حصة أبل في سوق الهواتف الرائدة في الصين، التي تراجعت إلى 15.7% بعدما كانت 20% خلال الربع الأول من العام الماضي، ما أجبر أبل على تخفيض أسعار أجهزتها في الأسواق الخارجية في مايو/أيار.

تصدرت "هواوي" سوق الأجهزة القابلة للارتداء عالميًا خلال أول 9 أشهر من عام 2024، بحسب تقرير حديث صادر عن شركة IDC للأبحاث، حيث حققت زيادة ملحوظة في شحنات الأجهزة القابلة للارتداء بنسبة 44.3% على أساس سنوي، على الرغم من الانخفاض العام في الشحنات العالمية خلال العام، ووصلت حصتها في السوق العالمية إلى 16.9%، بينما هيمنت محليًا على حصة 35%.